Tuesday, November 20, 2012

اذهبوا عني يا فاعلي الإثم - الجزء الثالث: ازدواجية المعايير



"ليس كل من يقول لي: يا رب، يا رب! يدخل ملكوت السماوات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات.
كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا رب، يا رب! أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟
فحينئذ أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط! اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت21:7-23)


 ازدواجية المعايير: المحبة والكراهية، الإيمان والخوف، والرجاء والقلق
" أما الآن فيثبتالإيمان والرجاء والمحبة" (1كو 13:13)

لاحظت في أوقات كتير إننا، وخصوصا كخدام، بنقول حاجة ونعمل أو نفكر أو نقول عكسها.
وخصوصا بعد الثورة، لقيت مبادىء روحية كتير بنناقضها في حياتنا العملية والاجتماعية، وده أحزنني جدا، ازاي نبقى بنعلّم ما لا نمارسه؟! فاقد الشيء لا يعطيه، وده بيخلي الكتاب المقدس كلام غير عامل وفعّال في حياتنا للأسف الشديد، وبيأثر بالسلب في روح الخدمة والمخدوم من غير ما نشعر.

أولا: المحبة والكراهية:

"أحبوا أعدائكم.. صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" (مت 44:5)
وفي اصحاح كامل عن المحبة: (1  كورنثوس 13) "إن كنت أتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن"
عمرك قلت: "ربنا ياخد الاخوان والسلفيين دول ونستريح منهم" ؟
عمرك حسيت ان نفسك تنتقم من حد؟
عمرك اتمنيت إن حاجة وحشة تحصل لأي بشر في الدنيا، حتى لو أساء إليك؟
عمرك قلت على ناس دول يستاهلوا يموتوا وشمتت فيهم؟
عمرك حسيت بشماتة لوقوع أي شخص في ضيق؟

لو أي حاجة من اللي فاتوا دول حصلت، سامحني لو قلتلك إن انت ينطبق عليك ازدواجية المعايير في المحبة.

أضعف الإيمان انك تحب الناس.. الأحسن انك تصليلهم وتغفر ليهم وتسامح تصرفاتهم.
عمرك صليت وطلبت المغفرة  للي خربوا وهدوا كنايس الماريناب والعمرانية وغيرها ؟
عمرك صليت وطلبت المغفرة للي قتلوا الشباب في مواقع كتير زي ماسبيرو؟

مش باكلمك كلام مثالي أو باقولك حاجة تخلي شكلي حلو قدامك، أنا باتكلم من الكتاب المقدس، وصايا مباشرة مايختلفش في تفسيرها اتنين.
مش باقولك لا تطالب بتطبيق القانون، لكن لا تحمل ضغائن في قلبك، ولازم دايما تصلي إن ربنا ينور طريق الطاغي والقاتل والمعتدي عشان يبطل اللي بيعمله. أكيد ربنا هايجازي يهوذا حسب أعماله يهوذا، وقال عليه "كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد" (مر 21:14) لكن أكيد كان بيسامحه وبيحاول يصلح منه.

المحبة هي الصلاة لأجل الآخرين، اعطاء أعذار لأخطائهم ولو كانت جسيمة، المغفرة للأعداء، المحبة الغير مشروطة تجاه الانسانية جميعها. 
المحبة مش التنازل عن الحقوق، السيد المسيح قال "لماذا تضربني" (يو 18 : 23) ، بولس طالب بحقوقه كمواطن روماني (أعمال 22)، لكن المحبة هي أن تكون روح ونعمة الله وكلمته للآخرين. أن تكون نوراً للعالم، أن تكون الملح الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

لذلك، ماينفعش تتكلم عن المحبة وانت مش بتحتمل غيرك المختلف عنك أو المسيء إليك ! 



ثانياً: الإيمان والخوف:

الخوف بيظهر في كتير من أفعالنا وبيتحول أحيانا لمرض يسيطر علينا وعلى تفكيرنا. أحيانا عند بعض الناس بالاقي خوف غير مبرر مثلا من الإسلاميين أو من النزول للشوارع والاختلاط بالمجتمع.
مش متخيلة إن المفروض ننسى وعود ربنا اللي عشنا بيها كل السنين دي
"هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها ؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك " (اشعياء 15:4)
" تشدد وتشجع! لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يشوع 9:1)
"أبواب الجحيم لن تقوى عليها" (متى 16:18)
وغيرها وغيرها كتير!!

هل انت شايف ان دي أوحش عصور الكنيسة أو البلد مروا بيها؟ لا! كان في أوحش، وكان في اضطهاد أكثر، والبلد كانت أفقر، وربنا خرجنا من كل ده وخلانا عايشين، كمصريين، وكمسيحيين!
طب قلقانين ليه بقى؟ خايفين ليه من كل حاجة؟ رعب وعدم شجاعة وعدم قدرة على المواجهة وهروب من اتخاذ مواقف وطنية منصفة لحقوق البشر بسبب "الخوف"... ولا كأننا سمعنا عن الإيمان قبل كدة.

اوعى تنزل، اوعى تروح، اوعى تلبس صليب، البسي ايشارب على راسك وانتي نازلة، ماتعديش جنب المظاهرات، ماتروحش هنا، ماتعملش، ماتكتبش حاجة ع الفيسبوك... كلها مظاهر خوف ومحاولات انك تتحكم في تصرفات غيرك بحجة انك خايف عليه، طب فكرت تتكل على ربنا وتسلم له الأمر وتعيش بقوة وتكون فعال في مجتمعك وتشوف عمل ربنا في حياتك وفي كل خطوة بتتخذها، وازاي رينا هايخليك قدوة لغيرك ويديك نعمة في عينيهم؟ وازاي أصلا الخوف ده موجود في حياتك وتنزل تاني يوم تتكلم في الخدمة عن ان كلمة لا تخافوا ذكرت مش عارف كام مرة في الكتاب المقدس! 

ده واجبك أصلا انك تكون شخص قوي وعندك ثقة وتنصف المظلوم وتدافع عن حقوق الناس "انقذ المظلوم من يد الظالم ولا تكن صغير النفس في القضاء" (سيراخ 9:4). واجبك انك تكون شجاع، تكون نور العالم، والنور بيتحط ع المنارة عشان ينور للناس كلها!

ماتخافش على عيالك أكتر من اللازم، ماتخافش لدرجة انك ماتخليهومش ينزلوا مدارس الأحد وتحرمهم من القداس، انت أكيد مش هاتخاف عليهم أكتر من اللي خلقهم، وأكيد خوفك المَرَضي مش هايعلمهم فضيلة الإيمان اللي ربنا عايزها منهم. "بل شعور رؤوسكم أيضا جميعها محصاة. فلا تخافوا!" (لوقا 7:12)

ثالثا: الرجاء والقلق:

قد تكون من أصعب الفضائل اللي أنا شخصيا شايفة تحدي كبير في اكتسابها.
التحدي يكمن في إنك تكون شخص مرتبط جدا بربنا وتسلم له حياتك من غير قلق ع المستقبل، وفي نفس الوقت تبقى عندك دايما رؤية لقدام ومتحمس انك تقاوم الغلط وتصلح وتمشي في طرق صعبة للوصول لهدفك. تحديد الهدف في حد ذاته صعب، وإنك تفضل حاطه قصاد عينيك وفي نفس الوقت ماتقلقش!

بس تخيل مارمرقس، وهو شاب وجاي اسكندرية يبشر، هل كان يعرف إن ربنا هايستخدمه في إنه يكون الكاروز العظيم للديار المصرية؟ ويخلد اسمه من جيل إلي جيل ويكون البطريرك خليفته هو؟

المشكلة إننا بننسى، والاكتئاب واليأس والقلق بيتحولوا لنشيد حياتنا اليومي، في حين انهم اصلا خطية لأنهم فقدان لرجاء عمل الله في حياتنا. "بل نفتخر أيضا في الضيقات، عالمين أن الضيق ينشئ صبرا، والصبر تزكية،  والتزكية رجاء، والرجاء لا يُخْزِي، لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا." (رومية 5: 3-5)

كتير من الناس شايف حياته وحشة وعايز يغيرها. طب ما يوسف كانت حياته سيئة جدا، بس مافقدش رجاءه، مافقدش احساسه باستخدام ربنا ليه، وماسابش ربنا في أي وقت، وربنا حتى في السجن اداله نعمه في عينين رئيس السجن (تكوين 39:21) وطلع الخير على إيده في الوقت المناسب. الأحلى في قصة يوسف مش انه بقى عظيم في أرض مصر، لكن إن ربنا استخدمه لخلاص آخرين. وهو ده رجائنا، أن نكون سبب في خلاص الناس، مش اننا نكون عظماء على الأرض " لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم" (تكوين 5:45). ولذلك، اطلب من ربنا دايماً انه يستخدمك في شدتك وضيقك انك تكون سبب في بركة وتعزية للآخرين: "مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة وإله كل تعزية. الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله" (2 كو 1: 4،3).

ثق تماما ان ربنا اللي خلق الكون كله، مش هايسيبك أبدا تقع من غير ما يقومك، ولأنه وعد انك لو اتكلت عليه هايرشدك دايما للأحسن، يبقى ماينفعش القلق يسيطر على حياتنا أبدا. "سلم للرب طريقك و اتكل عليه وهو يجري" (مزمور 6:37)

الرجاء هو علاج مشاكل كتير جدا في حياتنا اليومية. بتتعرف على الرجاء كل ما تواجه مشكلة وتحس ان الأبواب اتقفلت، فتبدأ تتعلم ان ربنا يديك "بابا مفتوحا ولا يستطيع أحد أن يغلقه" (رؤيا 8:3) ولذلك، أنصح بقراءة كتاب "حياة الرجاء" لقداسة البابا شنودة.

ربنا يدينا إيمان ورجاء ومحبة في حياتنا دايما.. 

2 comments:

Marianne Magdy said...

تحفظي الوحيد علي كلمة " أكيد ربنا عاقب يهوذا".. الله لم يعاقب يهوذا لكن خيانته ويأسه من رحمة الله له هي اللي وصلته انه يتقال عنه "خير لو لم تلده امه".. الله لا يعاقب البتة.. الله يؤدب ويهذب ويقّوم.. يهوذا زرع وحصد من ثمر افعاله والله لم يعاقبه لكن خطيته هي عقابه

Evronia said...

طبعا متفقة تماما، المقصود هو ان الله سيجازيه حسب اعماله، وتم تعديل الجملة