Thursday, July 11, 2024

من يطهر الإرث الإجرامي لمدرسة المرقسية؟

تحذير: محتوى عنف جسدي.

في ناس كتير لما بتخلص من مرحلة ما في حياتها بتنساها. بس أنا عكس كدة، طول الوقت بافكر وباتأمل ايه الحاجات اللي ساعدت في تكويني وإيه أكتر مواقف أو أشخاص تسببوا ليا في مشاكل أو فرص كويسة. التدوينة دي تخليص حق، أو فش خلق، أو حتى اعتبروها أي جعجعة مش مشكلة.

المدرسة اللي درست فيها كان لها نصيب كبير من تكويني، وهو تكوين رافض تماما للعنف وخصوصا ضد الأطفال. اللي يعرفني عارف كويس مشكلتي مع ضرب أو حتى لمس الأطفال. ولو استوجب فانا باقف بجسمي قصاد أي حد بيعاقب طفل جسديا. لا أؤمن بأي نوع من العقاب الجسدي لأي انسان تحت أي ظرف.

أنا درست في مدرسة مشتركة اسمها المرقسية الخاصة لغات في الاسكندرية في الفترة من 1992-2002، وهي فترة حضانة لآخر اعدادي. المدرسة تتبع لحد دلوقتي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في اسكندرية. زي أي مدرسة كان في الكويس وكان في الوحش، لكن كان في وحش شوية زيادة مستمد من ثقافة المجتمع وقتها وعادات المدارس في ضرب الأطفال.

كان ليا "واسطة" بسبب أهلي إن ماحدش بيقدر يضربني، يعني مكانوش بيضربوني، عشان بيخافوا من أبويا، مش عشان هما بيحترموني يعني، لأن كلنا في نظرهم كنا أطفال تستحق العقاب. على كلامهم: السيئة تعم والحسنة تخص. والعقاب الجماعي كان أحيانا ينوبني منه ضربة أو شتيمة سريعة.

كنت طفلة متفوقة، فأنا أول طالبة تاخد مركز أول على مستوى المحافظة في تاريخ المدرسة، لما طلعت الأولى على ابتدائية اسكندرية 1999.

باحكي كل ده عشان عارفة الناس اللي هاتقول كلام زي: يعني كان في مدرسين كويسين، انتي بتظلمينا، المدرسة كانت كويسة معاكي، احنا ماعاملناكيش غير بكل ذوق، الخ.

تمام يا جماعة شكرا على المعاملة ال"خاصة" اللي خلتني بدل ماتضرب على مؤخرتي من مدرسة الانجليزي في اولى ابتدائي، اتفرج بس على الأطفال وهي بتتعجن على ضهرها ومؤخراتها بعصاية خشب تخينة.

المعاملة الخاصة دي كمان كان معناها ان لو في مدرس مش عارفني، بس شتمنا أو ضربنا كلنا، فأنا كنت باتضرب عادي.

المعاملة الخاصة مش معناها اني ماقفش في وش الغلط، لأن انا هأقف في صف المستضعفين، وأنا كمان من المستضعفين دول.

في نظري، الضرب مالهوش مبرر، تحت أي ظرف، لكن هما كان كل مبرراتهم في الضرب انه في ناس ماعملتش الواجب، أو ناس بتعمل شقاوة في الحصة.

كان في مرة مدرسة ألعاب دخلت الفصل حصة احتياطي، كنت مطلعة رجلي بره الديسك اللي هي موقفانا فيه، فقالتلي "اقفي زي اللي في رجلك"، أنا كطفلة حساسة جدا انهرت في العياط لأني اعتبرتها شتمتني اني جزمة. تاني يوم المدرسة دي اعتذرتلي قدام المدير. لكن ده مكانش حال باقي الطلبة.

في رابعة وخامسة ابتدائي كنت أول مرة أعمل اضراب عشان مدرسة الانجليزي كانت بتخلينا نكتب المنهج اللي بناخده كل يوم، يعني لو في يوم قرينا قصة، نروح البيت نكتب اللي قريناه مرتين. أي كلام تكتبه ع السبورة نروح البيت ننقشه تاني مرتين. في نظرها، ده كان التعليم، وكانت عاملانا مفتشين على بعض، فكانت بتخلي كام واحد يفتشوا على واجبات الفصل. فأنا بطلت اتفاعل في الفصل ولا أجاوب على أي حاجة حتى لو عارفة الاجابة، وبطلت أفتش لها على الواجب، وبطلت أكتبه. الست دي في نظر المدرسة كانت أشطر مدرسة انجليزي والطلبة اللي عندها كانوا أكتر ناس "محظوظين".

في مرة مدرسة ساينس مسكت واحد عجنته وهزقته عشان لابس الساعة في ايده اليمين. أنا تقريبا أكاد أجزم اني لحد دلوقتي مش فاهمة ايه مشكلتها مع الساعة في الايد اليمين وعايزة أقولها يا ميس "نون" أنا بالبس الساعة في ايدي اليمين دلوقتي تعالي اجري ورايا!

في مرة سألني مدرس مشهور بمسك "خرزانة" طويلة مبرومة بيلسوع بيها الرجلين والجسم، سألني في الحصة 4 * 7 كام، انا ماعرفتش في ساعتها، فهوشني كده من تحت على رجلي لأنه طبعا مكانش يقدر يضربني. لكن غيري كانوا "بيتمدوا" وبيتنادى عليهم في الميكروفون عشان ياخدوا العلقة.

جميع أنواع الضرب: بمساطر خشب، بخرزانات، بضوافر الستات. جميع طرق الضرب: لطش، أقلام، شلاليط، قرص، لحد الدم والانهيار. وجميع أنواع الاهانات والشتايم.

اللي أثار الجدل مؤخرا على المدرسة كان البوست ده اللي كتبته المدرسة، فأنا رديت في تعليق تم مسحه انه هل المدرسة عندها استعداد تعمل جروب ثيرابي للخريجين؟


ناس كتير ردت عليا، وناس كتير اتفاعلت مع البوست. ناس كتير حكت بلاوي، أكتر من "التفاهات" اللي باقولها هنا. وناس كتير تعليقاتها اتمسحت طبعا، منهم جوزي.

تعليقات ماتمسحتش:




وده لما اتمسحت الكومنتات أهو بتاعة الناس المعترضة زيي.



المدرسة فعلا قابلت حد من أصدقائنا المعترضين و"راضوه" ببعض من المعلشات و"احنا اتغيرنا".

وناس دلوقتي كتير عمالة تكلمني تقولي المدرسة اتغيرت واحنا عندنا ادارة شكلها معرفش ايه.

تعالوا نشوف التغيير: في بوست للكنيسة على فيسبوك، لحفلة كرم فيها البطرك خريجين المدرسة، كان في أوائل الصفوف قاعد ناس من جبابرة العصيان بتوع زمان، وطبعا موجودين من غير عصيانهم. طب لما هو في نظام وإدارة جديدة دلوقتي، الناس القديمة دي موجودة بصفتها إيه؟ 

في ناس هاتقولي طب ما اللي مزعلينك "معظمهم" مشيوا، هارد أقولهم دول مشيوا معززين مكرمين، مش منقولين ع الأقسام والمحاكم.

ضرب الأطفال جريمة تعذيب، العنف النفسي ضد الأطفال برضه جريمة. جرايم التعذيب لا تسقط بالتقادم، يعني ممكن أنا دلوقتي أحاسب واحد على جريمة تعذيب من 100 سنة.

في ناس شايفة ان محاكمة المدرسين دول مش منطقي، يمكن عندهم حق، في مدرسين كتير في أماكن كتير كانت بتعمل كده، والممارسات دي وقفت بس بسبب السوشيال ميديا والتليفزيون لما الناس اتكلمت كتير، رغم إن في أهالي شايفة ان ضرب عيالها ده حاجة "عادي"..!

بعد 22 سنة من خروجي من المستنقع ده، أنا دكتورة جامعية بيجيلي لسة كوابيس عن امتحان الدراسات، وجرس الفصل، ومدرسة الانجليزي. بيجيلي نوبات عياط شديدة كل مافتكر منظر ضرب حصل قدامي وأنا طفلة. بيجيلي دايما فلاش باك لما اضرب 4* 7 تاني.

مين مسئول عن الماضي الأسود ده؟

الاجابة ببساطة هي المؤسسة المتمثلة في المدرسة: إدارة ومجلس وكنيسة مشرفة.

 الكنيسة الكاثوليكية اعتذرت عن جرايم عملوها من عقود وقرون. الدول اللي بتعمل جرايم حرب وتمارس احتلال بيجبروها انها تعتذر أو على الأقل تعترف قدام الناس انها غلطت، وطبعا رؤساء الدول دي بيكونوا اتغيروا.

فأنا بأوجه سؤال في الفضاء، في الولا حاجة، باقول، مين مسئول يطهر المدرسة دي من ماضيها الأسود؟

حاضرك مابيمسحش ماضيك، ولا إيه؟ خصوصا لو الماضي ده فيه جرايم يعاقب عليها القانون، وماضي أثر في ألوف من الأطفال الغلبانة.

وإن كان في ناس مسامحة، فأنا مش باسامح، لأن مش بإيدي أسامح جرايم اتعملت في حق أطفال بالكوم وفي حق مجتمع بالكامل.

تفوقي أنا مسئولة عنه، ماحدش يعايرني إن المدرسة اتسببت فيه، أما التروما بتاعتي فانتوا مسئولين عنها.

وعلى رأيكم: السيئة تعم والحسنة تخص.

Monday, July 1, 2024

هل تسمح الكنيسة القبطية في أبو ظبي للأنبا موسى الأسود بالدخول؟

"لا يمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته! خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر، من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار ... وإن أخطأ إليك أخوك فوبخه" (لوقا 17)



الحقيقة ماتخيلتش اني هاكتب التدوينة دي في يوم من الأيام. أولاً، طاقة مهدرة لما الواحد يتكلم في سوء الاداريات في المؤسسة القبطية. ثانيا، أنا اصلا مش عايشة في أبو ظبي! لكن أحيانا في مشاكل الواحد مايقدرش مايشتبكش معاها، خصوصا لو انت جزء من المشكلة، وانت في مكان تاني من الكوكب. 

 ملخص المشكلة هو إن في صديقة من أصل اريتري نقلت أبو ظبي وهي كانت بتحضر معايا الكنيسة القبطية في انجلترا، ولما هي نقلت هناك حبت تحضر برضه الكنيسة القبطية. أنا اتواصلت مع أحد الكهنة من شهور وهو ادى رقمها للكنيسة الاريترية عشان تروح هناك مش القبطية. 

يوم الأحد 30 يونيو صديقتي بعتتلي انها اتمنعت من الدخول على باب الكنيسة وقالولها الكنيسة دي للمصريين بس، روحي شوفي الكنيسة بتاعتك. صديقتي استائت جدا، بس أنا اكتر! ومش حابة اتكلم عن المستوى الاجتماعي/المهني بتاعها لأن ده مش مفروض يكون جزء من النقاش!

قمت بعتت لاتنين من الكهنة، وفي واحد منهم ادى رقمي لشخص كبير سنا وبيعتبروه مسئول الأمور الادارية في الكنيسة، واتصل بيا بالتليفون لمدة نص ساعة.

ملخص المواضيع اللي باحاول فعلا ألاقي فيها اجابة مريحة، ان انت مش مرحب بيك هناك لو انت مش من الجالية القبطية. اتقاللي كلام كتير متضارب. في قسيس رد عليا كتابة على الواتساب وقاللي ما ملخصه إن "كل الجنسيات التانية ممنوعة وده التصريح اللي مع الكنيسة، حتى العاملات ممنوع"... واحنا عارفين كويس (وأي حد بيروح الكنايس هناك في الخليج) ان العاملات مش ممنوعين من الدخول. 

طيب ايه كمان اتقال؟ 


أي شخص غريب جاي لواحده الكنيسة ممنوع من الدخول. ليه؟

- مش هايفهم عربي فييجي عندنا ليه.

- لو دخل ممكن يسرق أو يطلب شغل لأنه الجنسية بتاعته 90% منها عاملات منزل.

- لو دخل عشان يحضر قداس بالانجليزي القسيس لازم يسأله فين شهادة المعمودية بتاعته لأن القداس للأقباط الأرثوذكس فقط.

- الكنيسة معهاش تصريح تستضيف أي جنسية لأنه التصريح للأقباط بس.

- الجنسيات غير الأقباط ممنوع.

- الكنيسة مش للزيارة ولا للسياحة.

- مفيش مكان لحد من بره، القاعة بتساع عدد معين بس.

- أنا لازم امنعه افرض هو مش مسيحي يعملي مشكلة؟ افرض انه ارهابي؟

- احنا من حقنا نوقفه نمنعه ع الباب، وهو لو عايز حد من المسئولين هو اللي يطلب، مش احنا اللي نطلع له.

- هو جاي عندنا ليه أصلا؟ ما يروح كنيسته، لازم نعرف مش عايز يروح كنيسته ليه.

- احنا بندي كنيسة للجاليات الارثوذكسية يصلوا فيها، يروح يصلي معاهم هناك.

- احنا بنعمل قداسات بالانجليزي للناس اللي متجوزة أجانب (طب يعني في جنسيات تانية بتدخل أهو، طب ندخل ازاي) - بس لازم الشخص يثبت مسيحيته!

في آخر الحوار مع الشخص الاداري، وبعد قيل وقال كتير مني ومنه وأنا رديت على كل الحجج اللي هو قالها، هو قاللي ان صديقتي ممكن تروح الكنيسة بتنسيق معاه (قاللي جزمتها فوق راسي، شكرا يا سيدي الفاضل)، بس الأول لازم تنسق معاه وهو يدخلها بس برضه لازم تثبت مسيحيتها! ولازم تقعد مع القسيس الأول، ولازم يعرفوا هي ليه مش عايزة تروح الكنيسة الاريترية! يعني موضوع المنع ده طلع حسب "المزاج" وحسب انت تعرف مين يوصلك بمين جوا الكنيسة.


وهنا ممكن نسأل شوية أسئلة مشروعة:

- لو الاجبار جاي من الدولة، ليه الكنايس المجاورة ليك (وأنا اديت للشخص اللي كلمني مثال على كنيسة خمسينية) بتسمح للجميع بالدخول بدون قيود؟ ولما انت نفسك بتعرف تسمح لجنسيات تانية تدخل تصلي القداس الانجليزي، يعني الاجبار مش من الدولة، صح؟ طب والكنايس القبطية في الامارات التانية بيدخلوا الناس عادي ولا أبو ظبي بس؟ ولو الاجبار مش من الدولة بس منك، انت مش شايف نفسك عنصري وبتقول كلام مش حقيقي؟

- ناس كتير من اللي بيحضروا في الخليج بيقولولي الجاليات الافريقية بتحضر عادي. الرد انهم بيحضروا كعاملات مش كأفراد مستقلين. يعني هل الكلام اللي اتقاللي ده حقيقي؟ الكلام ده جالي من مسئولين الكنيسة، ومن قسوس، يعني المفروض ده الرد الرسمي للكنيسة. فهل الممارسة تجب القواعد ولا القواعد تجب الممارسة؟

- ازاي دولة فيها جنسيات كتير زي الإمارات تعمل قانون أو قاعدة لدور العبادة مبني على التفرقة العنصرية؟ مش منطقي ان الدولة تقول للكنيسة الجالية المصرية فقط هي اللي من حقها تستخدم المبنى ده، لأن ده بيخلي الدولة تحت طائلة القانون الدولي اللي بيمنع التفرقة بناء على اللون والجنس الخ. اذا انت مباشرة "بتتبلى" على الدولة اللي "مضايفاك" وبتعاملك كويس ومدياك أرض وكنيسة الخ، ايه مصلحتك في ده؟ وليه مش شايف ان الدولة ممكن تزعل من كلامك ده عليهم؟ وإيه السبب الحقيقي لقفلك الكنيسة على جاليتك اللي انت مش بتجاهر بيه واخترت تجيب اللوم على الدولة؟

- فين الخط الفاصل بين حماية نفسك كمؤسسة دينية في بلد انت مهاجر فيها، وبين ممارستك لتعاليم المحبة والأخوة؟ الحقيقة اننا بنختار نريح دماغنا ومانواجهش المشاكل، بنختار المنع قصاد الحوار والترحيب بالغريب. يعني هي الكنايس في مصر مش بتواجه نفس المشاكل؟ عمر ما حد قال لحد وريني شهادة معموديتك قبل ما أدخلك أناولك؟ ما طول عمرنا بنروح كنايس في كل مكان في العالم ماسمعناش قسيس بيقول لحد انت متعمد فين!

- هل من حق الشخص يختار هو يحضر في انهي كنيسة وبأنهي لغة؟ أيوة. خصوصا لأن التوازن في جاليات معينة مش موجود، يعني جالية مافهاش أطفال مثلا (لأن أيوة معظمهم عاملات سايبين أطفالهم في بلدهم) فمفيش مدارس أحد.

- هل أنا من حقي أنشر الكلام ده على الملأ؟ تماما وضروري كمان. احنا ازاي وصلنا للمرحلة دي وإن العنصرية يعتبرها الأجيال الكبيرة دي نوع من أنواع النظام؟ ده احنا كده بنمارس عبودية رسمية مش حتى عبودية حديثة!

- أنا ككنيسة مثلت ايه في العالم لو دي القواعد اللي ماشيين عليها؟ أنا مؤسسة منغلقة على ذاتي باخدم اللي شبهي وأمشي تحت الحيط. أنا كنيسة بتخدم ال 99 خروف، والخروف الباقي ده يتصرف، أنا ماليش دعوة بيه.

- هل لو الأنبا موسى الأسود حاول يدخل كنيسة أبو ظبي النهاردة هايدخلوه؟ أكيد لا، ياريت يجيب شهادة معمودية الأول. أو ممكن يجيب واسطة؟



في حاجة أخيرة عايزة اشرحها وهو معيار قانوني بيحددوا بيه العنصرية في المواقف المختلفة. المعيار هو: لو انت شلت الشخص اللي حصلت معاه المشكلة وحطيت شخص تاني مختلف، هل هاتحصل معاه نفس المشكلة؟ 

كل سنة وانتم طيبين بمناسبة عيد الأنبا موسى الأسود. ربنا يزيدكم من ازدواجية المعايير كمان وكمان.