ملحوظة قبل ما تقرا التدوينة:
التدوينة دي مش هجوم شخصي، مفيش أي شخصنة في
الموضوع، مع احترامي لأبونا بولس ككاهن. لكن الاختلاف في الرأي صحي.
ييجي حد يسأل، ازاي نختلف مع كاهن وهو صورة
الله على الأرض و..و..؟ أقول له ان الكاهن هو إنسان ذكر نتاج تربية ونشأة المجتمع
اللي احنا عايشين فيه. بالتالي، آراؤه الشخصية مش من العقيدة ومش من المسلمات اللي
كل شخص مجبر يمشي عليها. لأن آراؤه نشأت في نفس المجتمع المشوه اللي احنا عايشين
فيه.
أصلا مفيش أي حد مجبر يعمل أي حاجة هو مش
مقتنع بيها في حياته، وهي دي الحرية اللي ربنا خلقنا بيها: إننا نفرز ونسمع ونقتنع
ونقرر عايزين نعمل ايه، حتى الخطية الإنسان حر فيها.
يعني من حقنا نختلف.
وأنا هاختلف في الفيديو التالي اللي بيرد فيه أبونا بولس
عن سؤال عن جواز الصالونات. السؤال بيقول:
"ايه رأيك يا ابونا في البنات اللي
بترفض حد متقدم ليها لمجرد إنه لم يسبق لها معرفته، بتفضل أي حد تكون عارفاه، مع
إن اللي مش عارفاه ممكن يكون كويس. أرجو إنك تنصح البنات إنهم يفكروا مش يرفضوا على
طول"
رد أبونا:
"أكيد ده جواب من أم. أكيد أم وخايفة ان البنت تقعد لها يعني... بصوا، عشان أكون واقعي، كل البنات عندها حلم إنها تعرف واحد وتعجب بيه وتتشد له، علشان أنا الصالون بتاعنا مش فاترينة... يعني ايه مش فاترينة؟ يعني مش الناس تيجي تتفرج عليا في الصالون بتاعنا، فأنا من حقي يكون ليا....
"أكيد ده جواب من أم. أكيد أم وخايفة ان البنت تقعد لها يعني... بصوا، عشان أكون واقعي، كل البنات عندها حلم إنها تعرف واحد وتعجب بيه وتتشد له، علشان أنا الصالون بتاعنا مش فاترينة... يعني ايه مش فاترينة؟ يعني مش الناس تيجي تتفرج عليا في الصالون بتاعنا، فأنا من حقي يكون ليا....
حلو قوي. مالقيناش في الجامعة، واشتغلتي في
شركة فيها 3 مسيحيين، واحد مخطوب واتنين متجوزين. العمل هايكون ايه؟ فكري
معايا كدة. انتي كدة قفلتي المحبس، وبعد ما قفلتي المحبس، تيجي في زمن تقولي
ربنا مابعتليش ليه؟ ما بعت عن طريق طنط وخالتك وعمتك وبنت خالتك وبنت عمتك وانتي
تقولي لا، أنا مش فاترينة. انتي حكمتي على نفسك انك هاتطلعي من الفاترينة تخشي
في التحنيطة. الحقيقة العقل بيقول ادي نفسك فرصة، حد هايضربك على ايدك
ويقولك.. ما انتهى الزمن ده من خمسين ستين سنة... ماحدش هايجيبك م الفاترينة دي
ولا الصالون وتقولك هو ده ولازم هاتاخديه غصب عنك، مفيش حد بيعمل كده. فواقعيا،
انتي مش هاتوافقي انك تشوفيه تاني إلا إذا كنتي ارتحتي له، فماتوقفيش الفرص. لأن
في وقت بتبقى الفرص كتيرة قوي وبعدين بنتدلع. وبعدين الفرص بتبقى نص نص، ونقول
أصوم أصوم وأفطر على بصلة، يعني في الآخر ماخدش غير ده، ده أنا رفضت اللي كان
واللي كان. وبعد كده، ---------- هِوّ.
ونرجع نقول ربنا. لا. It’s up to you
أنا شايف إن البنت العاقلة تشوف وخاصة إن ماحدش
هايرغمك أبدا. خاصة ان ظروف الارتباط صعبة، خاصة ان في ولاد كتير جدا
استباحوا، عشان عارفين سوق العرض والطلب في الجواز بقى شكله ايه، يشاكسوا
بنات كتير قوي بالانترنت ويخشوا معاهم في تشاتينج ويقولوا كلام لا تعرف تمسكه آه
ولا... لما تقوله انت ازاي عملت كده، يقولك اختي، صديقتي.......
....
قد يكون حلم إن الانسان يمشي ع السحاب حلم
جميل الحقيقة. ويمسك الطيور والعصافير، ويصوصوله في ودنه، بس أنا أفضل امشي ع
الأرض عشان ماقعش، وماندمش، وماتكسرش.
يبقى نقبل ونصلي ونفهم ونشوف التوافق ونشوف
التكافؤ، ويكون عندنا باكجراوند، ونشوف.
لكن إذا كنتي مستنية صورة معينة فانتي بتحددي
خانة واحدة بس عايزة ربنا يشتغل بيها وده ضد التدبير إن احنا مانحجرش على ربنا،
إن لازم في صورة واحدة، يا كدة يا بلاش. خلاص بلاش. "
قبل ما أبدأ الرد هاقول الآتي:
سبب كتابة التدوينة أكتر من حاجة:
1-
أهمية ان كاهن يقول ده على منبر
الكنيسة إنه بيدي الناس ترسيخ أكبر للمفاهيم والآراء اللي اتقالت، ومش بيسمح بانتقاد
أو اختلاف كبير مع الرأي ده، باعتبار ان الناس في مجتمعنا بتقدس أي كلام يقوله أي
رجل دين.
2-
انتشار الفيديو على الفيسبوك باعتباره حاجة مهمة لازم كل البنات تشوفها.
ماحدش ولا لأي لحظة فكر يختبر أو يفكر شوية في محتوى الكلام المقدم في الفيديو.
وطبعا ماحدش فكر ينتقده، لأن الانتقاد أصلا حرام زي ما اتعودنا.
3-
الرد على المفاهيم اللي اتقدمت في الفيديو. أنا الحقيقة وقت ما شفت الفيديو
ماكنتش مصدقة نفسي واتضايقت جدا وحسيت بإهانة شديدة كبنت، وماحسيتش انه مفروض يعدي
مرور الكرام كده من غير ما حد يعلق عليه.
4-
الناس اللي قاعدين في الكنيسة بيسمعوا الرد ولا حد فيهم شايف ان في اهانة،
الستات والرجالة عادي. بيضحكوا. شايفين ان الكلام المرعب ده بيضحك!!!
دلوقتي هافصص الكلام اللي اتقال:
البنت تقعد لها يعني
البنت تقعد لمين بالظبط؟ ويعني ايه تقعد؟ يعني
ايه اللي مخلي عدم جوازها قعاد؟ وإيه المشكلة في "قعادها" ده؟
من حقي يكون ليا
أه من حقها على فكرة. شئنا أم أبينا. لو في
بنت رافضة تتعرف على حد لمجرد الجواز، هي أدرى بقدراتها وامكانياتها النفسية. انتوا
مش متخيلين قد ايه فكرة إن البنت تقابل حد لمجرد الجواز ممكن تضغط على نفسية
البنت. ليه بنتهكم على إن البنت يكون ليها حق الرفض واختيار تعيش حياتها ازاي؟ ليه
شايفين ان دي نهاية العالم وانها المفروض "ماتتبطرش على الفرص"؟
العمل هايكون ايه
العمل يكون إن البنت تعيش وماتربطش حياتها
على الجواز. تعيش، تشتغل، يكون لها استقلالية مادية واستقلالية في القرارات في
حياتها. العمل إن البنت تبني حياتها مش توقف حياتها مستنية الراجل اللي هايبني لها
اللي هي ماحققتهوش. الجواز مشاركة واختيار، مشاركة بين اتنين ناضجين وناجحين
ومتساويين ولهم إرادة ومشيئة وقدرة على اتخاذ القرار، مش واحد بيدور ساقية وواحدة
بتخلف وتربي (إلا لو كان ده اختيارهم ورغبتهم).
قفلتي المحبس
محبس العرسان؟ محبس الجواز؟ والبنات بتقفله
ازاي مثلا؟ انها تكون في مجتمع مافهوش رجالة يصلحوا للجواز حواليها؟ وإيه المشكلة
في ده؟ ده بدل ما نشجع البنت انها تكمل حياتها مع اختلاف الظروف اللي حواليها، والجواز
ييجي وقت ما ييجي ووقت ما هي تحب ووقت ما تكون مستعدة له، نبقى بنقول لها ركزي كل
تفكيرك على حنفية العرسان وماتقفليهاش؟
انتي حكمتي على نفسك انك هاتطلعي من
الفاترينة تخشي في التحنيطة
أنا مش شايفة في الجملة (ونبرة التهكم والضحك
اللي اتقالت بيها في الفيديو) دي غير قمة في التحقير من
البنات وترسيخ لفكرة ان البنت لا تسوى من غير جواز. ماعنديش حاجة أقولها بجد.
مندهشة ومشمئزة من وصف بنت بتتجوز متأخر انها في "تحنيطة". وباتأسف لكل
بنت بتقرا الجملة دي وانجرحت.
بنتدلع
بنتدلع على ايه؟ من امتى الحرية والاختيار دلع؟ من حق الأهل ينصحوا بس مش من حقهم يقرروا بالنيابة عن بنتهم. ولا تحبوا تشوفوا بناتكم متجوزين جوازات فاشلة زي معظم جوازات البلد عشان تقولوا عليهم مش بيتدلعوا؟ فين الدلع معلش؟ من امتى كان حرية اختيار شريك الحياة "دلع" خصوصا بدل ما تلاقي نفسها في مجلس اكليريكي بتطلب طلاق؟ ده بدل ما تساندوا بناتكم في قراراتهم، تقولوا لهم انتوا بتتدلعوا عشان مش بتعملوا اللي "احنا" عايزينكم تعملوه؟ طب ما تتجوزوا بدالهم أحسن؟
ماحدش هايرغمك
الارغام على الجواز مش لازم يكون مباشر
بالضرب واللي بنشوفه في الافلام. الارغام نفسي من المجتمع، وابتزاز عاطفي من الأهل
زي: عايز افرح بيكي قبل ماموت، انتي وصلتي سن كذا كذا. انتي بتتدلعي (نفس اللي
اتقال في الفيديو)، ده واحد مايتعيبش. وغيره. ياريت نعيد تقييمنا للارغام اللي
بنتكلم عنه ده ونشوف بنعمل ايه في البنات بالكلام اللي بيتقال.
سوق العرض والطلب في الجواز
سوق جواري مثلا؟ واحد بيبيع وواحد بيشتري؟
عرض وطلب؟ بضاعة؟
ايه التشبيه المرعب ده؟ ايه ده بجد؟ أنا
تقريبا عاجزة عن التعليق لأني مش متخيلة إننا عايشين في سوق، ولا عايزة اتخيل اني
بضاعة عليها عرض وطلب. قمة المهانة لعقل البنت ودماغها وكفاحها ومستقبلها.
وده ضد التدبير إن احنا مانحجرش على ربنا
لو هانتكلم عن تدبير ربنا، فممكن نقول برضه
ان ربنا عارف نفسية كل واحد تقدر تستحمل إيه وإيه لا. ولو في واحدة مش قادرة أبدا
انها تجبر نفسها تشوف عرسان "صالونات" فربنا هايرتب لها حياتها بالطريقة
اللي تخليها تحس انها انسانة ليها وجود وكرامة ومعنى. مادام دخلنا ربنا في
الموضوع، فربنا بيحترم حريتنا، انتوا ليه مش بتحترموها؟
خلاص بلاش
أه بلاش على فكرة. مفيش حياة أي شخص واقفة ع
الجواز. بنشوف ناس بتتجوز في سن متأخر وبيكونوا سعداء وحققوا اللي اتجوزوا أصغر
منهم ماقدروش يحققوه. كل واحد طموحاته بتختلف عن التاني. لو واحدة كل هدفها تتجوز
وتقعد في البيت، هي حرة، هاتتجوز صالونات مش صالونات، مش مشكلة. قلة الجواز مش عقاب
للبنت، قلة الجواز اختيار لسكة حياة المجتمع مش متعود يشوفها.
نهايته...
القمص بولس جورج لخص دورة حياة البنت من
الجامعة للشغل على انها بتعمل "عريس هانت" يعني بتصطاد عريس. يعني لو
مالقيتش في الجامعة أو في الشغل يبقى البنت دي مالهاش حل غير انها تتجوز صالونات.
أبونا، زيه زي المجتمع، لخص هدف كل حاجة بتعملها البنت في انها تلاقي عريس. ماحدش
الحقيقة بيفكر للحظة ان تنميط حياة البنت بالشكل ده بيهدها أكتر ما بيبنيها. بدل
ما نسمح للبنت بمسارات حياة غير تقليدية زي سفر ودراسة وأنشطة كنسية أو اجتماعية،
فهي في نظرنا بتعمل كل ده عشان تلاقي عريس. وده بيفكرني باجتماع ما للشباب في
كنيسة، كانوا مطلعين عليه سمعة إن البنات بتروحه عشان تتشاف وتلاقي عريس. تمام يا
جماعة في بنات كتير مش عايزة غير انها تتجوز، بس ده لأنكم انتم فهمتوهم وعلمتوهم
ده وماسمحتلهمش بقدر من الابداع والحرية في حياتهم اللي بيديهم اختيارات. مش يمكن
البنت مش عايزة تتجوز؟ او تتجوز في وقت تاني؟ او تتجوز بطريقة تانية؟ او تعمل حاجة
الأول وبعدين تتجوز؟ مين انتم عشان تقولبوا البنت في القالب اللي بتحبوه وشايفين
انه ده الأفضل ليها؟
الحقيقة أبونا بولس جورج مكانش محتاج يقول
حرفيا إن "البنات مالهاش قيمة من غير جواز" بس هو استخدم كل الألفاظ
والجمل اللي بتعبر عن الفكرة دي. الجمل دي هي نتاج تنشئة المجتمع، جمل بنسمعها كل
يوم، مفيش فيها حاجة غريبة على الودن لأن كل الناس بتقولها. كل الناس بتقول
"بنتك هاتقعد لك" أو "اقعدي اتأمري كتير على نعمة ربنا لحد ما تفضلي
من غير جواز"، وغيرها.
طبعا في ناس بعد ما هاتقرا كلامي هايقولوا
عليا اني مجنونة وإني باسخن البنات، "وهو يعني انتي عايزة البنات يقعدوا من
غير جواز". الحقيقة أنا مش عايزة حاجة. انتوا والكلام اللي في الفيديو هو
اللي عايز وبيملي على البنات تعمل ايه وماتعملش ايه. أنا عايزة تفكروا وتسيبوا
غيركم يفكر. عايزاكم تعيشوا لأهداف ولأحلام بره دايرة الجواز المقفولة، والجواز
يكون اختيار، بكل ما يحمله من أول الفكرة نفسها (اتجوز ولا لا) لحد اتجوز مين
وازاي وفين، ومايكونش الجواز معطى او اجبار مجتمعي من خلال الخطاب ده اللي منتشر
على كل لسان، لكن عايزة الجواز يحصل لأن البنت قررت تشارك حياتها (بكل الثقل والمعاني
اللي تحمله جمله تشارك حياتها دي) مع شخص بتحبه: "الحب" الكلمة اللي
ماظهرتش في الفيديو نهائيا، واللي غيابها هد بيوت ناس كتير وهما مش حاسين.
وبعد كل ده، مجتمعنا بيفرز جوازات "ناجحة"
يا ترى؟ ناجحة بمعنى مافهاش اعتداءات وضرب وشباشب بتطير وعنف أسري ومشاكل نفسية
وجنسية وأخلاقية وفكرية، لأشخاص مفيش بينهم أي توافق مطلوب منهم يعيشوا تحت سقف
واحد طول العمر؟ بيفرز أجيال مبدعة وخلاقة ومنتجة؟
مجتمعنا مكنة بتاكل وتشرب وتنام وتتجوز عشان نعيد نفس الدورة دي مع
عيالنا وعيال عيالنا. وماحدش فكر للحظة إنه يقف ويقول أنا عايز اعمل ايه بره
القالب.
الفكرة نفسها المعروضة في الفيديو ممكن ناس تتفق معاها. بس ده مجرد
رأي شخصي. أنا ولا ضد ولا مع جوازات الصالونات، أنا مع تغيير نظرة الناس للبنت
وللجواز، اللي هو مش عملية سهلة كده الواحد يعملها مع أي حد وخلاص. أنا مع احترام
حرية البنت وعدم الضغط عليها. كل بنت حرة. فعلا حرة ف جسمها وقراراتها ومستقبلها وإن
شالله البنات كلها تعمل فرقع لوز. اكسروا القوالب. حرروا عقولكم وبناتكم من
المجتمعات الذكورية الأبوية القمعية.
مقالات ذات صلة
Follow @evronia