Monday, April 24, 2023

غرف الأطفال الزجاجية بالكنائس، وما عليها!ـ

"من أفواه الأطفال والرضع أسست حمدا بسبب أضدادك، لتسكيت عدو ومنتقم" - مزمور 8: 2


الكراي رووم، أو غرفة البكاء، هكذا يسمونها..


لم أجد ما "لها"، فقط ما "عليها"، فأنا أكرهها منذ أن كنت طفلة لم تجلس بهذه الغرف قط، لكن كنت أراها في العديد من الكنائس وأضحك أنا وأسرتي على هذه الفكرة التي تحقر من الأطفال.

أنشأت كنيستي في الاسكندرية في الصغر قداسا للأطفال، كنت أحضره ولكن لم أُمنع قط من خدمات الـ"كبار"، حتى صرت كبيرة وتم منعي وأنا كبيرة خارج مصر!

source: https://shorturl.at/gioJY


 تتعرض الأسر في العديد من الكنائس المسيحية لهذا العزل الذي يطالب الأسر (يأمرهم فقط في حالة الكنائس المصرية)، والأمهات بالأخص، أن يجلسوا في حجرات "المنفى" الزجاجية:

"Dear all

For parents who have children under the age of 3 (or older,) who won't be able to tolerate long church services over the coming 3 days, the Church is kindly asking you to be seated in the glass room on the top floor in the Cathedral. An usher will be standing by the elevator with a fob so parents with push chairs and heavy bags can use the elevator to go to the top floor. 

The screen and mic in the glass room are working perfectly so parents can still follow all church services."

_________

تحديث بتاريخ فبراير 2024 لشرح الأحداث التي تلت هذه الرسالة. في عيد القيامة عام 2023، كانت هناك تعليمات في القداس معطاه من أحد الكهنة بكنيسة برمنجهام التابعة لايبارشية وسط انجلترا، لمنع دخول السيدات ذوي الأطفال الصغار الكنيسة وخروجهم فور وصولهم للجلوس في ال"كراي روم". لقد تحديت من أرادوا اخراجي من الكنيسة في ذلك اليوم وطلبت "حد كبير" أتكلم معاه، فخرج الكاهن لنشتبك بالصوت العالي خارج الكنيسة وقال لي "يعني أنا أعمل لكم ايه". 

دخل بعدها الكاهن لصحن الكنيسة ووقف على المنجلية وأمسك بالميكروفون وأشار لبعض السيدات اللواتي كان معهن أطفال بالخروج ليتساوى الجميع في "الطرد". ثم بعد قليل، صعد للغرفة الزجاجية واعتذر لي على انفراد اعتذرا غير مقبولا من طرفي لأنني وصية على طفل أهم مني ومنه أمام الله، ولم يقل هذا الكاهن أو يسمح لأي من السيدات والأطفال بالدخول مرة ثانية لقداس العيد في الكنيسة، فهو لم يتراجع عن قراره. 

أضفت هذه التفاصيل لأن هذا الكاهن حتى يومنا هذا وبعد الكثير من المشاكل مع الأطفال والأمهات، مازال يتحدى وجود الأطفال بالكنيسة ويقوم بعمل وقفات صامتة لثوان في صلاة القداس حال سماعه صوت أي طفل. نجلس في الكنيسة كأننا في امتحان، فهو شخص لا يحب السيدات والأطفال بشكل واضح. ينظر شزرا وينتهر كأول رد فعل حتى وهو يقدم التناول، ثم يذهب لالتقاط الصور مع أطفال مدارس الأحد ليبرز عن نفسه صورة محب الأطفال. وأنا كرد مني على هذه المعاملة المستمرة، وكرد على سؤاله "وأنا أعمل لكم ايه"، كتبت له وعنه ولكل كارهي النساء والأطفال هذا المقال.
_________

 أكتب هنا أموراً خاصة بالمكان الذي تم طردي منه، لا أريد مناقشة تفاصيل أحداثه، لكن أريد مناقشة ما ورائه، وكيف يتم الاستفاده من هذا الموقف في صالح الأسر في شتى الكنائس.

بما أن الكنيسة أرسلت رسالة تطلب من جميع الأمهات ذوي الأطفال عدم التواجد في صحن الكنيسة الرئيسي والخروج للمدرج، فقام العديد من القائمين على الخدمة بالصياح في السيدات يوم قداس عيد القيامة لتخرج سيدات معهن أطفال رضع للمدرج غصبا وفور وصولهن للكنيسة حتى بدون أن يفتح الطفل فمه.

أناقش الموضوع من عدة نواحي، أملاً في وجود حل لائق، لأن وجود الغرف العازلة يتسبب في اشكاليات عدة. يمكنكم دائما تطبيق هذه الأفكار على الكنيسة الخاصة بكم حسب الدولة ووضع "الغرفة" تلك...

1- الجانب القانوني: في قانون المساواة رقم 2010 للمملكة المتحدة، يمنع التمييز ضد الأشخاص بسبب سنهم، أي أن ليس من حق المؤسسات العامة (كالطائرات، المولات، الخ) منع تواجد الأطفال في الأماكن العامة إلا في حالة تقديم خدمات (كالخدمات الكحولية) التي تتطلب منع تواجد الأطفال لحماية الطفل نفسه.
ابحث في قوانين دولة كنيستك عن القوانين التي تحمي الطفل وتواجده، وقوانين التمييز. 


2- الجانب الاجتماعي واللياقة: يبدو أن أمر الكنيسة بعدم تواجد الأطفال في صحن الكنيسة أعطى اشارة غير رسمية للشعب بممارسة السلطة على بعضهم البعض، ففي قداس الأحد التالي لعيد القيامة قام أحد الحاضرين بالقداس بطرد أحد الأباء وابنته ذات العام الواحد، والذين لم يمض على تواجدهم بالمدينة أكثر من بضعة أسابيع، وانتهار العديد من الأطفال الحاضرين وكانوا يجلسون في أواخر الصفوف. كذلك يقوم العديد من الشمامسة بممارسة تلك السلطة بالنظر والفعل لانتهار أي أم يبكي رضيعها للحظات لكي يخرجوا خارجا.

هذا إلي جانب أن الحجرة التي يتطلب من الأمهات الجلوس فيها هي حجرة غير مجهزة بكراسي، سماعات أو شاشات تعمل (بعكس الكلام الذي تم ارساله)، تهوية، سجاد، أو أي تجهيزات للأطفال. بل تحولت الحجرة إلي مكان يذهب إليه الأطفال الكبار للعب والجري بعيدا عن أهاليهم الجالسين بصحن الكنيسة، بالتالي فهو ليس مكان للصلاة لأي أم معها طفل رضيع أو أسرة تريد متابعة الصلاة. يجب أن نفرق تماما بين الأماكن المخصصة للصلاة، والحجرات التي يذهب إليها الأطفال الكبار للعب مثل "الحوش". فما ذنب أم معها طفل رضيع أن تخرج إلي هذا المكان جبرا ومنعها من الصلاة؟ هل هي معاقبة الأمهات والعائلات؟ ليس هكذا تتعامل باقي الكنائس "الأجنبية" مع الأطفال، بل يرحبون جدا بتواجد الأطفال وبجريهم، لعبهم وحتى أصواتهم، ويطلبون من المتضررين من ذلك الذهاب لتلك الحجرة! 
أن تتواجد الأسرة بحجرة ما أو خارج الكنيسة ليراعوا ظروف طفلهم هو أمر يجب أن يخضع لكل أسرة وتقديرها، وليس بالاجبار. أن تكون الحجرة موجودة لمساندة العائلات هذا حل، لكن لا يجب أن يصبح الحل سلاحا ضد الأسر وتواجدها في الكنيسة. الكنيسة الكاثوليكية تم انتقادها مرارا وتكرارا بسبب هذا الغرف لمجرد انها "اختيارية"، فما بالك بالاجبار؟
ثم دعني أسألك عزيزي، من يتحدث بالكنيسة ويتسبب بالضوضاء؟ أليس هم الكبار أيضا؟ الشمامسة في جميع المناسبات دائمي الكلام، والسيدات، والشباب، اذا الأطفال ليسوا هم من يضرونك.


3- الجانب الخاص بالصحة والسلامة العامة: المصعد الخاص بالمدرج حاليا (في المكان الذي أتحدث عنه) يخل تشغيله بالمعايير العامة للأمن والسلامة وذلك بناء على كلام القائمين على "خروج الأطفال والسيدات" يوم عيد القيامة، مما يجعله غير آمنا لاستخدامه للأطفال والرضع بالأخص! التهوية السيئة تجعل المكان لا يطاق، وقد يتسبب في سخونة شديدة تضر الأطفال خاصة وقت الزحام. انها حجرة "صوبة زجاجية" كما نعلمها!
اسأل القائمين على كنيستك: هل تلتزم الكنيسة، في المكان الخاص بك، بمعايير الأمن والسلامة لحماية الأطفال؟
 

4- الجانب الديني: وهو الأهم، والأشمل، أين المحبة واللياقة في التعامل مع الأمور؟ إلي من ندع الأولاد "يأتون .. ولا تمنعوهم"؟ وصية المسيح واضحة، بدون استثناءات، بدون ظروف، ولا تحفظات. ماذا تعكس تصرفات مثل تلك عنا كشعب كنسي مسيحي؟ أننا مع التمييز ضد النساء والأطفال؟ أننا لا نريد الأطفال؟ أننا نكره أطفالنا؟ أننا نكره الأسر التي تتحمل أعباء كبيرة لمجرد القدوم للكنيسة من مسافات بعيدة، حتى وبمجرد وصولهم نطلب منهم التواجد في مكان معين دون الآخر لكي يصلي "الآخرون" بسلام؟ وماذا يقولون وهم يصلون، أنهم مثل المرائين والفريسيين الذين يحبون العبادة المظهرية ويحملون الناس أحمالا عسرة؟ 
ما هي الرسالة المسيحية التي نوجهها ككنيسة للعائلات باقتصار التواجد في صحن الكنيسة للرجال والسيدات دون الأطفال؟ ثم متى يتعلم الطفل الصلاة والتسبيح إذا كان مطرودا دائما مع أهله خارج صحن الكنيسة في مكان غير آدمي؟ هل جربنا أن نجعل القداسات والتسابيح مناسبة للأطفال الكبار مع توفير كتب ووسائل ايضاح  يحبونها فيمتنعون عن الضوضاء التي يشتكي منها الأقلية، كأنهم لم يكونوا هم نفسهم أطفالا يوما ما؟ هل وفرنا جو محب وميسر لأسرة جديدة معها رضيع لكي يحبون التواجد في الكنيسة لتكون بيتهم الثاني، بل والأول بالأحرى؟ هل جربنا أن نصلي معا بمحبة دون النظر وتوجيه الإدانة لآخرين لا نعلم معاناتهم ولا ظروفهم؟


نهايته: على المتضرر من وجود أطفال بصحن الكنيسة أن يخرج هو للجلوس في حجرة "المنفى" تلك، وفي حالة الحديث غير اللائق مع أي أم/أب/طفل، لا يوجد على الأسر حرج في اتخاذ إجراءات تستلزم وقف المعتدي عند حده في حدود القوانين الكنسية والمدنية المعطاة لنا. 
أن تتحدث عن اهمال الأمهات أو تطالب الأمهات بتسكيت أطفالها فأنت بهذا تترك كل المشاكل التي يتحدث عنها المقال لتتحول لشرطي يدين الأمهات بطريقة دنئية، وبطريقة "بص العصفورة" لدفن راسك في الرمال بعيدا عن مشاكل التمييز التي طالما تعرض لها الأطفال والنساء في الكنائس، ومشاكل التعليم والأصوات المنفرة وقلة الاهتمام التي تجعل الأطفال (الكبار وليسوا الرضع) يفقدون اهتمامهم بالكنيسة.
على كل حال، اذا تضايقت عزيزي من ضوضاء الأطفال، اذهب لغرفة الصوبة "للتأمل" بدلا من جعلها غرفة للأطفال. استخدموها إذا كغرفة للتركيز، الخلوة، أي شيء، إنما الأطفال مكانها الكنيسة فقط. 

من حق الأسر ذوي الأطفال التواجد كما يريدون في الوقت والمكان الذي يريدونه، هذا حق اجتماعي، قانوني ومسيحي، وليس من حقك طردهم أو تحديد تواجدهم في مكان دون آخر.

أن نشترك مع الله في عمل الخلقة هو أمر مقدس للأسر المسيحية لا يستوجب العقاب بهذه الطريقة. كلنا كنا أطفالاً يوما ما، لم نولد كبارا، ولم نُعطى سلطة إلا من الله، فلا يجب أن نمارسها لقمع بعضنا البعض.

المستقبل للأطفال، وليس للسلطة على الأطفال. 

دمتم في محبة الله التي تعطي بسخاء ولا تعير.

ولا عزاء لكارهي حرية التعبير عن الرأي.

--
ملحوظة: شكر وعرفان للعديد من الأمهات اللواتي قمن بإثراء الموضوع بتعليقاتهن التي دمجتها في المقال.
--

للمزيد من الكتابات عن كنيسة برمنجهام، انظر هذا الرابط.

No comments: