كيف نحطم دولة الشيطان؟ - تأمل موحى به من
قصيدة "قم"ـ
كان في حد من أصدقائي بيكلمني النهاردة عن
المعضلة الأزلية اللي مأزمة الناس عن "فين ربنا وقت الألم والظلم، وليه ربنا
سامح بالظلم والشر في العالم". وبعد شوية قريت عن وضع حد صعب لأحد من الناس
اللي أنا مش باتفق معاهم سياسيا وفكريا، وحسيت بأسى شديد إن في حد مضطر يواجه ظروف
شديدة كدة ف العالم اللي احنا عايشين فيه، بغض النظر إن الشخص ده ماعرفهوش أصلا.
فسرحت شوية كدة عن ازاي أوجه صلاة أقدر احس
بيها قصاد نفسي اني صليت لأجل الناس اللي في ضيقة، لأن أنا مش قادرة أنقذ أي شخص
في ضيقة، أو أعمل له أي حاجة تنفعه بطريقة ملموسة.
خطر في بالي جملة "قم حطم الشيطان لا
تبق لدولته بقية" اللي في قصيدة "قم" للبابا شنودة الثالث (مصدر).
القصيدة مكتوبة كتأمل لمحبي المسيح بعد صلبه
وموته فبيتمنوا فيها إنه يقوم ويرفع راسهم تاني وسط الشر اللي هما متحوطين بيه،
ويزيل كل الآلام اللي هما عايشين فيها، بحيث يعرف أعداؤهم إن إلههم قوي وذو سلطان.
(القصيدة مرنمة)
قم حطم الشيطان لا
قم بشِّر الموتى وقل واغفر لبطرس ضعفه واكشف جراحك مقنعًا وارسل إلينا مرقسًا وهلم واقبل سيدي
ارفع رؤوسًا نكست
شمت الطغاة بنا فقم حسبوك إنسانًا فنيـ ولأنك أنت هو المسيـ قم في جلال المجد بل قم وسط أجناد السماء قم روع الحراس قم قوّ إيمان الرعاة مرت علينا مدة فترت ضمائرنا هنا فالقبر ضخم فوقه يا من أقمت المائتين يا من قهرت الموت يا قم وأنقذ الأرواح قم قو إيمان الرعا |
تبق لدولته بقية
غفرت لكم تلك الخطية وامسح دموع المجدلية توما فريبته قوية يبني كنيستنا النقية واسكن بيوت المرقسية واشفق بأجفان البكاة واشمت بأسلحة الطغاة ـت فلا رجوع ولا نجاة ـح وأنت ينبوع الحياة واظهر بسلطان الإله فأنت رب في سماء وأبهرهم بطلعتك البهية ولم أشتات الرعية غرباء في هذا الوجود ولم تقم بعد الرقود حجر ويحرسه الجنود وقمت من بين اللحود رب القيامة والخلود من قبر الضلالة والخطية ة ولم أشتات الرعية |
فأنا لما باتزنق وأحس اني مش قادرة أواجه ظلم
أو اضطهاد ما، فباقول عادة قم حطم الشيطان، وكأن أنا ماليش حيلة خلاص فباطلب من
اللي أقوى واللي يقدر.
الحقيقة المرة دي قعدت أفكر أصلا هي إيه دولة
الشيطان بالنسبة لي. هل هي أشخاص أو أماكن أو العالم كله؟ طب ما العالم كله مليان
شر، هل نطلب من ربنا يحطم العالم؟
احنا أكيد بنطلب أوقات كتير ان ربنا ياخدنا
من العالم، أو ممكن تصل طلباتنا إنه ينهي الحياة على الكوكب لأنها بقت مليانة شر،
بس أنا شخصيا باحس إنها طلبات مش هاتتحقق لأن الأوقات والأزمنة متحددة من قبل كدة
ومش في ايدينا.
طب هاتتحطم ازاي؟
في القصيدة، تم استخدام أفعال أمر كتيرة:
قم، حطم، لا تبق، بشر، قل، اغفر، امسح، اكشف،
ارسل، اقبل، اسكن، ارفع، اشفق...
وتم استخدام لفظ الشماتة في الآخر "اشمت
بأسلحة الطغاة" كنتيجة يعني لكل ما سبق (تحس اننا في درس نصوص في اعدادي بنطلع
مواطن جمال)
فلو احنا عايشين في عالم مثالي ممكن جدا ربنا
يعمل كل اللي احنا عايزينه وبنطلبه في دماغنا. في أغلب الأحوال لو ربنا عمل كل
اللي عايزينه كان طبعا زماننا فنينا العالم من زمان، لأن مفيش أسهل من إننا نطلب
ده. واحنا لو فكرنا فيها هاتكون حاجة مريحة فعلا إن العالم ينتهي.
فأنا بافكر إن الشر اللي في العالم مش
هايتحطم لو فضلنا نطلب تحطيم العالم والشر، ولا حتى تحطيم الألم اللي بينتج عن
الشر ده. لأن أكيد غيرنا عمل كده قبلنا وماحصلش. و بغض النظر ليه ماحصلش، بس الأهم
من كده، إن رسالة المسيح في العالم مكانتش تحطيم العالم والأشرار لكن:
-
المقاومة والثبات قصادهم (طرد الباعة من الهيكل)
-
التعليم قصادهم (تعليم الهيكل والتحاجج مع رؤساء الكهنة)
-
التحنن على ضحايا الشر والظلم والضعفاء (المولود أعمى، المرأة نازفة الدم،
البرص، وغيرهم من اللي كان اليهود بيعتبروهم متنجسين وقتها أو عملوا حاجة وعشان
كدة ربنا عاقبهم بالأمراض دي)
-
التحنن على الأعداء (شفاء أذن عبد رئيس الكهنة)
-
التحنن على المخطئين (السامرية، المرأة الخاطئة)
-
دخول بيوت الخطاة (زكى العشار)
-
دخل بيوت الحزانى (مريم ومرثا)
بالتالي المسيح فعلا قام، حطم وبشر، وقال،
وغفر، وكشف، وأرسل، وأقبل وسكن، ورفع وأشفق.. بس مش في صورة القوي الجبار اللي نزل
ينصف أتباعه، لكن بمفهوم تاني خالص...
المسيح قام من راحته وحضن الآب وحطم
التابوهات اللي وضعها رؤساء اليهود المفسدين وشفى في السبت، وبشر بالمحبة وبالتوبة
وغفر للخطاة وأرسل تلاميذه يبشروا، وسكن في بيوت المتألمين والخطاة، وخفف عن الناس
أحمالهم وأشفق عليهم.
في رأيي السبب الوحيد اللي المسيح عمل ده
عشانه هو إن الناس تعمل زيه، أكيد مكانش بيعمل ده علشان يمشي وخلاص، بس عشان
نقلده، زي ما أي طفل بيقلد أهله في الحلو والوحش. في رأيي تحطيم دولة الشيطان
والشر والألم مش هاييجي غير بحركتنا احنا ناحية المتألمين والضعفاء والمظلومين
والمرضى والأقليات وحتى الخطاة واللي بنعتبرهم أشرار، ونشوف لو المسيح لسة موجود
على الأرض في الجسد كان هايعمل إيه، ونعمل زيه. في النهاية، دي الحاجات اللي قادرة تشمت في شر العالم.
وبعد ما خلصت كتابة الكلام اللي فوق ده، باتخيل صلاتي لأجل الشخص اللي أنا ماعرفهوش، وباختلف معاه، جزء ولو بسيط من الحاجات اللي قادرة تحطم دولة الشيطان.
_____________________________
بعض الكتب المرشحة عن الشر والألم:
-
الله .. المصير .. الشر – كوستي بندلي (تحميل)
-
عندما لا تمطر السماء – فيليب يانسي (تحميل)
-
أين الله وقت الألم – فيليب يانسي (تحميل)
-
CS Lewis – The problem of pain
(تحميل)
No comments:
Post a Comment