Sunday, July 9, 2017

الزومبا الأرثوذكسية بما يرضي الله: حرروا الكنيسة من عبودية العالم


زمان في أوائل الألفينات تقريبا بدأت هوجة اذاعة ماتشات الكورة في الكنايس (في مباني الخدمات اللي تابعة ليها عشان ماحدش يفهم غلط) تحت حجة إن نحافظ على "ولادنا" من القعاد ع القهاوي عشان يتفرجوا ع الماتشات. فالحل اننا ننقل كل حاجة الشباب محتاجها أو نفسه يعملها جوا الكنيسة.

وقتها كنت، ومازلت، من المعارضين للخطوة دي. لأني شايفة إن الكنيسة مش مسئولة انها تبقى بديل لكل حاجة الناس عايزة تعملها. الكنيسة كمؤسسة دينية روحية بحثية ثقافية خدمية، بس هي مش لازم تقدم للناس بدائل عن كل حاجة براها. ممكن يكون في مهرجان كرازة فيه أنشطة رياضية وترفيهية مفهوم، كنوع من التنافس والمسابقات اللي "فور فان" يعني في الكينج والكلام ده. بس إني أبدأ تدريجياً أعمل كافيه وجيم ومركز شباب الأنفوشي جوه مباني تابعة للكنيسة، فده مش مفهوم، ومش مبرر، ومش قادرة أستوعب أهميته.

كمان ده بيزود العزلة الاجتماعية للمسيحيين، يعني انت مش محتاج تعمل أي حاجة في المجتمع، الحضانة ودار المسنين والمستشفى، وكمان الكورة والرحلات والماتشات والجيم تبع الكنيسة.

بس المشكلة الأساسية اننا مش بس بعدنا عن هدف الكنيسة في العالم ولا عن التعاليم المسيحية الآبائية، لا ده احنا كمان حولنا الكنيسة لمغارة لصوص، حولناها لمكان بنعمل فيه كل حاجة ما عدا أهداف الكنيسة.

للأسف مش كل حاجة ينفع نعملها تبع الكنيسة، ماينفعش نلعب زومبا في مباني خدمات، لا ماينفعش يا جماعة، من امتى بقت الكنيسة مسئولة عن ترقيصكم وهز وسطكم عشان تخسوا؟ هو ده اللي مبسوطين بيه؟ ايه نوعية الخدمة "الجديدة" دي اللي الكنايس بقت تتجه لها؟ ايه أهمية وجود جيم في الكنيسة بينما في مليون ألف جيم في كل مدينة للولاد وللبنات في أماكن محترمة وبأسعار كويسة؟ ايه أهمية صرف فلوس في حاجات زي أدوات وأجهزة جيم حتى لو تم التبرع بيها من أي جهة؟ ايه التغيير الحياتي والروحي والاجتماعي اللي حصص الزومبا اللاتيني بتقدمها للبشرية؟

احنا فعلا مفروض نخجل من نفسنا أشد الخجل للمرحلة اللي وصلنالها كخدام وكمسيحيين بصفة عامة. احنا مش بس بنعمل الغلط، لا بننشره وبنفتخر وبنتمسك بيه. وماشيين نردد آيات زي البغبغانات عن "كل الأشياء تحل لي ولكن ليست كل الأشياء توافق". لو كان بولس الرسول موجود دلوقتي أكيد كانت أول حاجة يشوفها لا توافق هي حصص الزومبا دي.

في كتاب "المسيحي في المجتمع" لأبونا متى المسكين  (تحميل الكتاب)، بيقول في ص11 إن "الكنيسة موجودة في العالم لتغير العالم". أعتقد ان ده المقياس اللي مفروض نشوف بيه كل حاجة بنعملها من خلال الكنيسة. إيه التغيير (الايجابي طبعا) اللي بنعمله في العالم من خلال خدماتنا؟





وإن شئنا أم أبينا فالكنيسة مختلفة عن العالم ومالهاش نفس طبيعته ولا أهدافه. وبالتالي ماينفعش نحط الكنيسة في الموقع المتدني ده من ناحية الخدمات ونوعية الأنشطة المقدمة.

"لقد حدد المسيح دور الكنيسة وعملها في العالم كما يتحدد الملح للطعام، إذ يلزم أن يذوب فيه ويتلاشى عن شكله وكيانه ويترك طبيعته المطهرة تعمل وحدها. فالكنيسة تصير أداة تمليح حينما تكون مستعدة أن تنتشر في أرجاء العالم فاقدة لكل ميزة خصوصية معطية ذاتها عطاء كلياَ حتى الموت" (المسيحي في المجتمع، ص18)
  
"العالم يحتاج دائما إلي فدية، إلي نفوس تموت كل يوم لتحفظ شهادة الانجيل حية حتى تستطيع أن تقبلها النفوس المريضة وتحيا بها.... العالم يحتاج إلي نفوس تحترق.... لتنير بتمسكها بالله طريق الإيمان... العالم يحتاج إلي قديسين يتقدسون ويتطهرون لا من أجل أنفسهم بل من أجل الذين لا يؤمنون بالقداسة ولا بالطهارة

واضح أن المسيح مات ليعيش العالم ولأن المسيح مات لأجل العالم قام وأقام العالم معه.
والله وضع الكنيسة في العالم ووهبها روح القيامة، لتموت كل يوم عن العالم فتقوم ويقوم العالم بواسطتها!!" (المسيحي في المجتمع، ص19)
  
"الكنيسة ليس لها عمل على الأرض إلا أن تحب المسيح، وبالتالي أن تموت عن الآخرين لكي تسعد كافة الناس بهذا الحب المحيي... والكنيسة بذلك مدعوة بكافة مواهبها وكافة أفرادها أن تحمل مسئولية ضعف العالم وهوانه وأوجاعه" (المسيحي في المجتمع، ص20)




  
  
في الزمن اللي احنا فيه دلوقتي الكنيسة مش بتعطي ذاتها حتى الموت، الخدام بيدخلوا العالم جوه الكنيسة عشان مفيش أي حاجة نفسهم يعملوها في الدنيا تموت. الكنيسة للأسف بقت مش بتدي العالم المحبة قد ماهي بتحصر نفسها جوه نفسها، وده لأن المسيحيين اللي بيكونوا الكنيسة دي مش قادرين يموتوا عن العالم، لكن أنشأوا عالمهم المفضل جوا الكنيسة.

الملح للأسف مابقتش طبيعته مطهرة، ازاي هايدوب في العالم ويطهره؟ ازاي نموت عن العالم واحنا بقينا جزء من فساد العالم في كل ناحية من أول نشر أفكار فاسدة ضد محبة المسيح في كلامنا وعظاتنا وخطابنا الكنسي، لحد لهو العالم من ماتشات ورقص وغيره؟ يعني ازاي الزومبا هاتقدم القديسين اللي العالم محتاج للكنيسة انها تقدمهم له؟

نهايته، أنا مش باقول ماتروحوش جيم ولا قهوة ولا زومبا ولا يحزنون، عشان أنا عارفة كل مرة باكتب حاجة الناس بتسيب الرسالة الأساسية وتمسك في ديل الكلام. أنا واضحة وباقول إن الحاجات دي مش مكانها خدمات ومباني وميزانيات ووقت الكنيسة اللي المفروض جزء من جسد المسيح وموجودة لخلاصنا وخلاص العالم.

اعملوا اللي انتوا عايزينه في كل مكان مخصص لده. انزلوا البحر في البحر، العبوا رياضة في الجيم، ارقصوا في مكان مناسب للرقص، لكن الكنيسة وجدت لأهداف تانية. لو عايزين نخدم في الكنيسة لازم نعرف أهدافها، زي اللي بيلعب كورة لازم يلعب حسب قوانين اللعبة.

اخرجوا للنور بالكنيسة البعيدة عن المسيح التايهة في العالم.
اخرجوا للكنيسة بأفكار مستنيرة ومتعلمة وآبائية تصلح من أوضاعها وتحررها من عبودية للعالم لتخدم العالم وترجع تقوم بدورها الباذل ناحيته.
اخرجوا بالمسيح للعالم المريض والمحبوس والموجوع.  
وتحرروا من عبوديتكم للعالم وبالتالي حرروا الكنيسة من عبوديتها للعالم.